غزة / معتز شاهين:
في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة، عزز الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على محور موراج، الذي يفصل بين مدينتي خان يونس ورفح، في خطوة تُعد جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى تقسيم القطاع إلى مناطق معزولة.
وتأتي هذه السيطرة في إطار الحملة العسكرية الإسرائيلية، بهدف فرض مناطق عازلة داخل قطاع غزة، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين ويفاقم الأوضاع الإنسانية، وسط تحذيرات من تداعيات ذلك على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي للسكان.
وفي هذا السياق، حذّر كتاب ومختصون في الشأن الإسرائيلي من خطورة سيطرة جيش الاحتلال على محور "موراج"، الذي يصل مدينة رفح جنوب قطاع غزة بمدينة خان يونس.
ووصف هؤلاء في أحاديث منفصلة مع "الاستقلال"، الأربعاء، السيطرة على "محور موراج" بعملية تقطيع أوصال القطاع، معتبرين هذا التوجه خطوة إجرائية مباشرة لتهجير مليون فلسطيني من القطاع تحت ضغط الأوضاع المعيشية.
وأعلن رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" أن جيش الحرب فرض سيطرته على "محور موراج"، وأنه سيكون بمثابة "محور فيلادلفيا 2"، في خطوة تعكس استراتيجية الاحتلال العسكرية لتقسيم قطاع غزة إلى مناطق معزولة.
وقال "نتنياهو" إن السيطرة على هذا المحور الجديد تهدف إلى "تقطيع أوصال قطاع غزة" وزيادة الضغط العسكري على حركات المقاومة في إطار الحملة الإسرائيلية المستمرة للحد من نفوذ الحركة في المنطقة، وفقًا لزعمه.
ويُعد "محور موراج" ثالث منطقة عازلة تفرضها إسرائيل في غزة، بعد "محور فيلادلفيا" و"ممر نتساريم"، ويُتوقع أن يسهم في تعزيز سيطرة الاحتلال على المناطق الحيوية داخل القطاع.
"الهدف هجرة"
وأعتبر الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي، د. عدنان الأفندي، سيطرة جيش الاحتلال على "محور موراج" جنوب قطاع غزة جزءًا من فرض مناطق عازلة بهدف تقسيم غزة إلى مناطق معزولة.
وأوضح الأفندي لـ "الاستقلال" أن الهدف الأساسي من السيطرة الإسرائيلية على "محور موراج" هو إجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية، حيث إن تفتيت القطاع إلى مناطق منفصلة سيؤدي إلى زيادة معاناة السكان، خاصة في ما يتعلق بالإسكان، مما يعزز الظروف القاسية التي تدفعهم إلى مغادرة مناطقهم.
وأضاف الأفندي أنه إذا استمر الاحتلال في السيطرة على هذا المحور، فإن ذلك سيحقق أهدافه العسكرية، وعلى رأسها عزل منطقة خان يونس عن رفح بشكل كامل.
وتوقع الأفندي أن الاحتلال لن يكتفي بالسيطرة على هذا المحور فقط، بل سيواصل محاولاته للسيطرة على محاور أخرى في القطاع، بهدف مزيد من التقسيم والعزل داخل غزة، مما يزيد من الضغط على السكان.
وفي تصريح سابق، أكد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن الحملة العسكرية على غزة تهدف إلى تقسيم القطاع بشكل كامل، وهو ما يتماشى مع استراتيجيات الاحتلال العسكرية الحالية التي تشمل السيطرة على محاور رئيسية مثل "محور موراج".
"فيلادلفيا الثاني"
ويعتقد المختص في الشأن الإسرائيلي إسماعيل مسلماني، أن السيطرة الإسرائيلية على "محور موراج" تشكل جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى تعزيز الهيمنة الإسرائيلية على قطاع غزة وتقويض المقاومة الفلسطينية.
وأكد مسلماني لـ "الاستقلال" أمس الأربعاء، أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلال هذه السيطرة إلى تقسيم قطاع غزة إلى مناطق معزولة، مما يعيق حركة الفلسطينيين ويضعف التواصل الجغرافي والاجتماعي بينهم.
وأشار مسلماني أن الاحتلال يعتقد بأن هذه الاستراتيجية ستعزز أمنه من خلال تأمين المناطق الحيوية، وتسهل توسيع المستوطنات وربطها بشبكة طرق استراتيجية.
ولفت إلى أن هذا الإجراء يأتي ضمن خطة أكبر تشمل إنشاء مناطق عازلة، مثل "ممر فيلادلفيا الثاني"، بهدف إعادة تشكيل الواقع الجغرافي والديموغرافي للقطاع تحت ذريعة الأمن القومي.
وأضاف أن هذه التحركات تتناقض مع روح اتفاقية بروتوكول المعابر لعام 2005، التي نصت على إخلاء محور فيلادلفيا من الوجود العسكري الإسرائيلي.
وفيما يتعلق باحتمال تقسيم قطاع غزة، يعتقد مسلماني أن "إسرائيل" قد تسعى إلى إعادة تقسيم القطاع إلى "كانتونات" منفصلة، وهو ما يذكرنا بفكرة خطة شارون. متوقعاً أن تستمر "إسرائيل" في تكريس تقسيم القطاع داخليًا من خلال تعزيز السيطرة العسكرية على المناطق الحيوية.
وبناءً على هذه التطورات الأخيرة، أشار المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أن الوضع في غزة في المستقبل القريب سيظل معقدًا بسبب استمرار التوترات العسكرية والسياسية، في حين تسعى الجهود الدولية لتحقيق التهدئة وإعادة إعمار القطاع.
قصة "موراج"
يعد محور "موراج" أحد الممرات الحيوية في جنوب قطاع غزة، ويمتد من البحر غربًا حتى شارع صلاح الدين شرقًا، وصولًا إلى آخر نقطة على الحدود الفاصلة بين غزة و"إسرائيل"، وتحديدًا عند معبر "صوفا". ويبلغ طوله 12 كيلومترًا، ويفصل محافظة "رفح" عن باقي محافظات القطاع.
وقد تم إنشاء هذا المحور الوهمي خلال احتلال "إسرائيل" للقطاع في عام 1967، قبل انسحابه منه في عام 2005، تنفيذًا لخطة الانسحاب الأحادي الجانب في عهد رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون.
وتعتبر "موراج" إحدى المستوطنات الواقعة في جنوب القطاع، ضمن تجمع مستوطنات "غوش قطيف"، التي تم تأسيسها والإعلان عنها لأول مرة في مايو 1972.
كانت الغاية من إنشائها بناء نقطة عسكرية ثابتة لمراقبة تحركات الفلسطينيين، لكنها تحولت بعد 10 سنوات، أي في عام 1982، إلى تعاونية زراعية تضم مئات الدفيئات الزراعية.
التعليقات : 0